المهندس محمد
عدد المساهمات : 175 تاريخ التسجيل : 16/01/2010
| موضوع: فأعمال الجوارح تتضاعف على حدٍّ معلومٍ محسوبٍ .. أما أعمال القلوب فلا ينتهي تضعيفها و إن غابت عن بال صاحبها .. كيف ؟؟!! الإثنين مايو 03, 2010 9:12 am | |
| فأعمال الجوارح تتضاعف على حدٍّ معلومٍ محسوبٍ .. أما أعمال القلوب فلا ينتهي تضعيفها و إن غابت عن بال صاحبها .. كيف ؟؟!! إنسانٌ راضٍ يفكّر بذهنه و قلبه أنه راضٍ عن الله و عن قضائه ، عرضت له مسألةٌ حسابيّةٌ فانشغل ذهنه بها .. العلماء يقولون : أجر الرضا لا ينقطع و إن شُغِل الذهن بشيءٍ ثانٍ ؛ لأن أصله موجودٌ و لو انشغل القلب بشيءٍ ثانٍ الآن .. إنسانٌ يخاف الله ، أحياناً يحصل له بكاءٌ و وجلٌ نتيجة هذا الخوف ، لو انشغل باله مع ولده يضمّد جراح ولده و نسي موضوع التأمل في الخوف و ما يوجب البكاء و الخشية فلازال أجره على الخوف مستمرّاً ؛ لأنه عملٌ قلبيٌّ مركوزٌ في الداخل لم ينتهِ أجره بل هو مستمرٌّ .. و هذا من عجائب أعمال القلوب . . . و هذا يمكن أن يوضِّح لماذا أجر أعمال القلوب أكثر من أجر أعمال الجوارح ، مع أنه لابد من أعمال الجوارح طبعاً .. لأنه إذا لم يكن هناك أعمال جوارح فالقلب خرِبٌ .. • هل الرضا يتنافى ( يتعارض ) مع الدعاء ؟!! لا .. لسبب أن الدعاء يرضي الله و هو مما أمر الله به .. • هل الإنسان إذا دعا أن يزيل الله عنه مصيبةً لا يكون راضياً ؟!! الجواب : لا .. ليس هكذا .. لأن الله قال : (( ادعوني أستجب لكم )) و قال : (( يدعون ربهم خوفاً و طمعاً )) يدعون ربهم يريدون نعماً و دفعَ نقمٍ . الدعاء لجلبِ منفعةٍ أو دفعِ مضرّةٍ .. فلأن الله قال : ادعوني و لأن الدعاء يرضي الله ، فإن الدعاء لا يتعارض مع الرضا .. فالمرء لو كان راضياً بالمعصية و سأل الله أن يزيل أثرها أو يعوّضه خيراً ، لم يعارضِ الدعاءُ الرضا .. لأن الله أمرنا أن نسأله الرزق فقال : (( فابتغوا عند الله الرزق )) .. • هل الرضا يتنافى مع البكاء على الميّت ؟!! قال شيخ الإسلام : ( البكاء على الميت على وجه الرحمة حسنٌ مستحبٌّ و ذلك لا ينافي الرضا ، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه ) .. و بهذا يُعْرَف قوله صلى الله عليه و سلم لما بكى على الميت : (( إن هذه رحمةٌ جعلها الله في قلوب عباده و إنما يرحم الله من عباده الرحماء .. و ينبغي أن نفرّق ؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم لما رأى ولده إبراهيم يموت بكى لماذا بكى ؟.. رحمةً أو تأسّفاً على فقد الولد !!.. و إن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظِّه إلا لرحمة الميت ، فإن الفضيل بن عياض لما مات ابنه علي ضحك و قال : ( رأيت أن الله قد قضى ، فأحببتُ أن أرضى بما قضى الله به ) .. فحاله حالٌ حسنٌ بالنسبة لأهل الجزع ، و أما رحمة الميت مع الرضا بالقضاء و حمد الله على كل حالٍ كما قال صلى الله عليه و سلم فهذا أكمل .. فإذا قيل : أيهما أكمل : النبي صلى الله عليه و سلم بكى رحمةً بالميت أو الذي من السلف ضحك ؟؟!! بكاء رحمة الميت مع حمد الله و الرضا بالقضاء أكمل ، كما قال تعالى : (( ثم كان من الذين آمنوا و تواصوا بالصبر و تواصوا بالمرحمة )) فذكر الله التواصي بالصبر و التواصي بالمرحمة ..
الناس أربعة أقسامٍ : 1ــ منهم من يكون فيه صبرٌ بقوةٍ ( ما فيه رحمة ) . 2ــ و منهم من يكون فيه رحمةٌ بقوةٍ ( ينهار ) . 3ــ و منهم من يكون فيه القسوة و الجزع ( جمع الشر من الطرفين ) . 4ـ المؤمن المحمود الذي يصبر على ما يصيبه و يرحم الناس . و مما يجب أن يعلم أنه لا يسوغ في العقل و لا في الدين طلب رضا المخلوقين بإطلاقٍ ؛ لوجهين : 1ــ أحدهما أن هذا غير ممكن ، كما قال الشافعي : ( رضا الناس غايةٌ لا تُدْرَك ) ، فعليك بالأمر الذي يصلحك فالزمه و دع ما سواه و لا تعانِه … 2ــ أنّنا مأمورون أن نتحرّى رضا الله و رسوله (( و الله و رسوله أحقُّ أن يُرْضوه )).. • هل نحن مكلّفون أن نرضي الناس كلهم ؟!! لا ، لسنا مكلّفين ؛ لسببين : 1ــ لأنه غير ممكنٍ ،2ــ لأننا مكلّفون بإرضاء الله و ليس بإرضاء الناس .. ذكر السلف رحمهم الله أقوالاً في الرضا : 1ــ قال أبو الدرداء رضي الله عنه : ( إن الله إذا قضى قضاءً أحبَّ أن يُرضى به من قِبَل العباد ) .. 2ــ قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إن الله بقسطه و عدله جعل الرَّوح و الفرح في اليقين و الرضا و جعل الهمّ و الحزن في الشكّ ) .. 3ــ قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ( أصبحتُ و ما لي سرورٌ إلا في مواضع القضاء و القدر ) . فينعكس هذا على نفسه انشراحاً و طمأنينةً ، و من وصل إلى هذه الدرجة كان عيشه كله في نعيمٍ و سرورٍ (( من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى و هو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيبةً )) .. 4ــ قال بعض السلف : ( الحياة الطيبة هي الرضا و القناعة ) .. 5ــ قال عبد الواحد بن زيدٍ رحمه الله : ( الرضا باب الله الأعظم و جنة الدنيا و مُستراح العابدين ) .. و ربما رضي المبتلى حتى لم يَعُدْ يشعر بالألم .. عذابه فيك عذبُ * * * و بُعْدُه نَيْلُ قُرْبِ ..! 6ــ و كذلك قال عمر بن الخطاب لأبي موسى رضي الله عنهما : ( أما بعد : فإن الخير كله في الرضا ، فإن استطعتَ أن ترضى و إلا فاصبر) .. هذا مما تقدّم أن الرضا منزلةٌ أعلى من الصبر .. 7ــ و قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( إذا تُوُفِّي العبد المؤمن أرسل الله إليه مَلَكين و تحفةً من الجنة ، فيقال : اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى رَوْحٍ و ريحانٍ و ربٍّ عنكِ راضٍ ) .. 8ــ و قال ميمون بن مهران رحمه الله : ( من لم يرضَ بالقضاء فليس لحمقه دواءٌ )) .. 9ــ و نقل عبد الله بن المبارك رحمه الله عبارة : ( يا بنيّ إنما تستدلّ على تقوى الرجل بثلاثة أشياءٍ : لحُسْن توكله على الله فيما نابَه ، و لحُسْن رضاه فيما آتاه ، و لحُسْن زهده فيما فاته ) .. منزلة الرضا هي التي تثمر محبة الله و النجاة من النار و الفوز بالجنة و رضوان الله و حُسْن ظنّ العبد بربه و النفس المطمئنّة و الحياة الطيبة .. و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً ... | |
|