المهندس محمد
عدد المساهمات : 175 تاريخ التسجيل : 16/01/2010
| موضوع: من أساليب الدعوة ( أسلوب القدوة الحسنة ) الأحد مايو 16, 2010 12:57 am | |
| من أساليب الدعوة ( أسلوب القدوة الحسنة )
بسم الله الرحمن الرحيم
أسلوب القدوة الحسنة
(*) تعريفه : القُدوة والقِدوة في اللغة : الأسوة ، يقال : فلان قدوة يُقتدى به . والقِدَةُ : المثال الذي يتشبه به غيره ، فيعمل مثل ما يعمل .
وقُيدت القدوة هنا ( بالحسنة ) لتخرج القدوة السيئة ، فقد يكون الشخص أسوة حسنة أو أسوة سيئة ، وقد جاء في الحديث الشريف : ( من سن في الإسلام سنة حسنة ، فله أجرها ، وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) . والقدوة الحسنة في الإسلام تنقسم إلى قسمين :
أ - قدوة حسنة مطلقة : أي معصومة عن الخطأ والزلل ، كما هي في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ، قال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ... ) [ الأحزاب : 3 ] ، وقال : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه ... ) إلى أن قال : ( لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ... ) [ الممتحنة : 4-6 ] ، وقال : ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ... ) [ الأنعام : 90 ] .
ب - وقدوة حسنة ( مقيدة ) أي بما شرعه الله عز وجل ؛ لأنها غير معصومة ، كما هي في الصالحين والأتقياء من عباد الله من غير الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فغير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام قد يقتدى بهم في أمور دون أخرى ، وذلك لاحتمال صدور تصرفاتهم عن ضعف بشري ، أو خطأ اجتهادي ، لذا كان الاقتداء بهم مقيدًا بموافقة شرع الله ...
وبهذا يكون أسلوب القدوة الحسنة أسلوبًا عامًا يشمل التأسي بكل من عمل عملاً صالحًا حسنًا كان نبيًا رسولاً ، أو كان تابعًا للرسل الكرام ناهجًا نهجهم في عمله ...
(*) أهميته :
تبرز أهمية أسلوب ( القدوة الحسنة ) من عدة أمور ، منها :
1- جعل الله عز وجل لعباده أسوة عملية في الرسل والصالحين من عباده ، وعدم اكتفائه بإنزال الكتب عليهم ، فأرسل الرسل ، وقصَّ على المؤمنين قصصهم وعرض سيرتهم ثم أمر باتباعهم ، والاقتداء بهم ، فقال : ( أولئك الذين هدى الله ، فبهداهم اقتده ... ) [ الأنعام ، 90 ] .
2- إن من طبيعة البشر وفطرتهم التي فطرهم الله عليها : أن يتأثروا بالمحاكاة والقدوة ، أكثر مما يتأثرون بالقراءة والسماع ، ولا سيما في الأمور العملية ، ومواقف الشدة وغيرها ... وهذا التأثير فطري لا شعوري في كثير من الأحيان .
3- إن أثر القدوة عام يشمل جميع الناس على مختلف مستوياتهم ، حتى الأمي منهم ، فبإمكان كل امرئ أن يحاكي فعل غيره ، ويقلده ولو لم يفهمه . ومن هنا : كان فضل الصحبة للصحابة الكرام - رضوان الله عليهم - لا يعد له شيء ، وكان إنكار الله عظيمًا على من يخالف قوله عمله ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 2،3 ] .
(*) من خصائص أسلوب القدوة : لأسلوب القدوة خصائص ومزايا عديدة ، منها :
1- سهولته ، وسرعة انتقال الخير من المُقْتَدى به إلى المُقْتَدي ؛ لأن الأخذ بالشيء علميًا والتمسك به أكثر إقناعًا للمدعوين من الحديث عنه والثناء عليه ، فمجرد العمل بالخير وتطبيقه ، تحصل قناعة عند الآخرين بصلاحية هذا الخير والفعل للتطبيق ، وأنه ليس أمرًا مثاليًا مجردًا ... وهذا واقع مشاهد في حياة الناس .
2- سلامة الأخذ وضمان الصحة ، ولا سيما في الأمور الدقيقة العملية ، ومن هنا أكد عليه - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه أمته بعض أركان الإسلام كالصلاة والحج ، فقال في الصلاة : ( وصلوا كما رأيتموني أصلي ) [ رواه البخاري ، انظر صحيح البخاري مع الفتح ، رقم (631و6008) والفتح (2/111) (10/438) ] . وقال في الحج : ( خذوا عني مناسككم ) [ الحديث ذكره في جمع الفوائد ، رقم (3371) (1/502) وقال عنه : للشيخين والنسائي ] . بل إن جبريل - عليه السلام - جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبيحة ليلة الإسراء ليعلمه كيفية الصلاة عمليًا ، فاقتدى به - صلى الله عليه وسلم - ، واقتدى الصحابة الكرام برسول الله ... [ انظر صحيح البخاري مع الفتح ، رقم (521) والفتح (2/4) ، وصحيح مسلم بشرح النووي (5/107) ، والسيرة النبوية لابن كثير (2/112) ] .
3- عُمقُ التأثير في النفس البشرية ، وسرعة استجابتها للأمور العملية أكثر من استجابتها للأمور النظرية ، ومن هنا أشارت ( أم سلمة ) - رضي الله عنها - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمبادرة إلى الحلق والتحلل ، ليقتدي به الناس عمليًا ، وكان كما قالت - رضي الله عنها - [ انظر صحيح البخاري مع الفتح ، رقم (2731،2732) والفتح (5/332و347) ، وانظر زاد المعاد (3/295) ] . وكان بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - يُصلي بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته [ انظر صحيح البخاري مع الفتح ، رقم (677) و(824) و(2/163) (2/303) ] . ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح بإناء من لبن أو ماء ، فشرب أمام الناس وأفطر ، فقال المفطرون لما رأوه للصوام : أفطروا [ انظر صحيح البخاري مع الفتح ، رقم (4277) والفتح (8/3-5) ] . وما إلى ذلك من خصائص لا تخفى على الداعية الحكيم . | |
|